جون ما كاين صديق الاخوان ..
هوصاحب المقولة الشهيرة : " لو استطعت قصف الكعبة لفعلتها وانتهينا " ، والصديق
الحميم للاخوان المسلمين في العراق منذ الغـزو الامريكي . و هو الداعم لهم الآن في
سوريا ومصر وتونس وليبيا كما هو معـلوم ،
حيث لم يقصّر في دعمهم بمجهوداته الدبلوماسية داخل الادارة الامريكية وخارجها .
وبزياراته الفورية لهم في مواقع الحدث للاطلاع على مجريات الامور وتقديم الدعم
المناسب لمواصلة انجاز المهام الموكولة اليهم بنجاح .. وقد كانت كل تلك الزيارات
مليئة بالحفاوة والمودة الخالصة والقبول من طرف المضيّـفـيـن ، مقابل الشعـور
بالبهجة والسعادة والرضا من قبل الضيف ، وهو ماظهر فعلا خلال زيارة ماكاين الى
تونس حين استقبله أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي استقبالا حارا بالاحضان
والعـناق الطويل ، أو حين كان يتجول مبتسما في شوارع ليبيا والعملاء من حوله يرفعـون
أعلام الولايات المتحدة الامريكية .. كما ظهر حرصه ايضا في مبادرته بتلك الزيارة
شبه السرية والسريعة الى سوريا لانقاض حلفائه ورفع معـنوياتهم بعد ان أصابهم الهلع
والذهول اثر تحرير القصير .. وقد كان ماكاين منشغلا فعلا بوضع اصدقائه ، محاولا
التخفيف عـنهم في مصيـبتهم ، اذ ظهـر و هو يداعب أطفالهم و يضع أعلامهم في عـنقه
مبتسما لكاميرات التصوير ، معـبرا عن ثقـته الكبيرة فيهم ودعمه لهم بعد ان ظهر
ولاءهم الكبير لامريكا واسرائيل من خلال
تعاملهم المباشرمع الاعلام الصهيوني ،
وعدم ترددهم في نقل جرحاهم الى المستشفيات الاسرائيلية للعلاج ، أو في التهليل و
التكبير عندما كانت اسرائيل تقصف مواقع عسكرية على أرض سوريا .. فضلا عن التصريح
المباشرعلى الهواء الذي أدلى به علي صدر الدين البينوني زعيم الاخوان في سوريا
معـتـرفا باسرائيل ، قائلا : " هي اسرائيل موجودة .. والشرعـية الدولية تطالب اسرائيل بالانسحاب الى
حدود عام 1967 . نعـتـقد انه اذا نُـفـذت هذه القرارات يمكن أن تعيش المنطقة
بسلام " ..
كما أجاب أحمد أبو الفتوح القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين في مصر
عن سؤال للقناة الثانية الصهيوينة قائلا : " يجب ان نقول للفلسطينيين يجب
عليكم الاعتراف باسرائيل ، ولاسرائيل يجب أن تعترفوا بفلسطين " ..
ولعل الملفت للانتباه خلال الازمة الاخيرة في مصر ظهور جون ماكاين كمدافع
عن " الشرعـية " خلال زيارته المخصصة للغرض قائلا : " إن الوضع
غـيـر مقـبـول وما حدث انقلاب على شرعـية
مرسى " .. مستعملا كل وسائل الضغط على القيادة الجديدة
التي هدّدها بايقاف المساعدات .. وقد رأى المراقبون ان زيارة ماكاين لمصر
وتصريحاته هدفها الحقيقي هو اشعال نار الفتـنة بين المصريين عندما قال : ان "
مصر ستشهد فى الأسابيع المقبلة فـتـرة حرجة ومواقف
حاسمة ستـنعـكـس على المنطقة برمتها " .. كما ظهرت نبرة التحريض في خطاب
مرافقه ليندسى جراهام الذي وجّه نقدا لاذعا للسلطة الحاكمة فى مصر عـندما قال : «
من فى الحكم ليسوا منتخبين ، بينما الذين تم انتخابهم فى السجون ، وهذا وضع غـيـر
مقبول ".. وهو انحياز واضح و دفاع من
طرف الامريكان عن حكم الاخوان أكثر مما دافعوا عن حكم مبارك .. وقد رأى العديد
من المراقبين لما يجري في مصر ، بأن الموقف الامريكي الداعم للاخوان هو في حقيقة
الامر مواصلة من طرف الولايات المتحدة للتفاهمات التي جـرت بين الطرفين ابان
الانتخابات وهي عـبارة عن صفقة جرت بين ماكاين وخيرة الشاطر مفادها دعم
الإخوان للوصول الى الحكم مقابل الحفاض
على أمن إسرائيل وتأمين العـبور فى قناة السويس الى جانب القبول بشروط أمريكية تهم
الوضع الاقتصادي في مصر . (صحيفة الموجز الالكترونية / مقال بعـنوان ماكاين و
جراهام يريدان خراب مصر . ) . وقد يبدو مثل هذا التحليل منطقيا الى حد
كبير ، اذا ربطنا بين ما يجري الآن وبين تلك التطمينات التي بعث بها مرسي لحلفائه
عبر رسالته الشهيرة للمجرم بيريز بكل ما ورد فـيها من لطف و محبة خالصة وأمنيات
لدولة " اسرائيل بالتقدّم
والازدهار " ، اضافة الى ما أقدم عليه بعد ذلك من تكريم للخائن السادات الذي
منحه قلادة النيل وهي أعلى وسام في مصر ، بعد أن زار قبره في موكب عسكري مهيب ووضع
عليه اكاليل الزهور .. وصولا الى التماهي التام بين الاخوان والامريكان في المواقف
والتصريحات والافعال الداعمة للارهابيين
في سوريا ، وخاصة بعد أن اصبحوا ماسكين بزمام الامور في مصر، وذلك بالعمل على حصارها اعلاميا وسياسيا من خلال سعيها لقطع البث
عن قـنـواتها واحتضان المؤتمرات المعادية لسوريا ثم قطع العلاقات الديبلوماسية
معها كما فعل الاخوان في تونس من قبل ..
والواقع فان استشعار الخطر من جراء التغـييـر الحاصل في 30 يونيو 2013 ،
بتلك السرعة ، وبذلك الاسلوب عن طريق الثورة الشعـبية العارمة ، التي لم يشهد لها
العالم مثيلا في السابق ، لم يكن من طرف الولايات المتحدة وحدها ، بل كان أيضا من
طرف الدول الغـربية التي بادرت هي ايضا
بارسال كاترين اشتون الممثـلة السياسية والامنية للشؤون الاوروبية للتأثيـرعلى السلطة الحاكمة ومطالبتها بعدم
استبعاد الاخوان من خلال المشاركة في الحكم .. وقد بدى هذا القـلق واضحا ايضا من
خلال قدوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في نفس الفترة ، و الذي اصدر بيانا
مشتركا مع المبعوثة الاوروبية معـربيِن فـيه عن تمسكهم ودعمهم للحلول " السلمية" و " الديمقراطية "
مطالبين بالافراج عن قيادات الاخوان ، حتى لا تستـفـرد قوى الثورة بالحكم في وقت
لاحق وهي المدعومة – في نظرهم – بالمؤسسة العسكرية ، مما يزيد في قـلق حلفاء
الاخوان ..
وقد أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن " القلق العميق من قرار القوات المسلحة المصرية عـزل الرئيس مرسي وتعليق الدستور "، انسجاما مع موقف سفيرته في القاهرة آن باترسون المؤيد لـ" الشرعـية " ..
كما بدى هذا القلق واضحا ايضا في الصحف الامريكية والاسرائيلية تعليقا على الاحداث ، حيث قالت مجلّة " تايم" الأمريكيّة المنحازة انحيازا غريبا للاخوان : " إن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري مكتمل الأركان على الرئيس المنتخب ، معـتبـرة أن مصر تشهد الآن أسوأ ديمقراطيّة في العالم ".. !!
وورد تشاؤم كبير في
الواشنطن بوسط يقول : ان ما حدث " سيتردّد صداه على الأرجح إلى ما هو أبعد من
ذلك ، وربما بشكل أكثر قوة فى سوريا ." وهو فعلا ما يفسّر ايضا قـلق قيادات الاخوان الشديد و ردّة
فعـلهم الفورية في اجتماع التـنظـيم العالمي للاخوان المسلمين في تركيا للاتخاذ
التدابير اللازمة لمواجهة الكارثة التي حلت بهم مشددين على ضرورة انقاذ ما يجب
انقاذه مما تبقى لهم في تونس ..
اما في الصحف
العـبرية فقد ورد في صحيفة يدعوت احرنوت الصهيونية وصفها للحدث بالانقلاب معـربة
عن القلق الذي ينتاب المسؤولين حول مستقبل العلاقات والاتفاقيات بينهم وبين مصر في
ظل التغـيـرات التي تتميز بطابعها
الشعـبي المعادي لاسرائيل .. وقد بدى قـلق بعض المسؤولين الاسرائيليين وتشاؤمهم اشد من المسؤولين الامريكان ، حين
ابدى عضو الكنيست ووزير الخارجية الاسبق ليبرمان والذي يقود حزب " اسرائيل
بيتنا " المتطرف في تصريح نقـلـته صحـيـفة يدعوت احرنوت يوم الاحد 7 يوليو
2013 عـبّـرا فيه عن قـلقه وتخوّفه من هـبـوب رياح التغـييـر على
تركيا . كما وصف ما حدث بالانقلاب ،
معـبرا عن قـلقه ايضا من تاثير تلك المتغـيـرات على اتفاقـيات السلام المبرمة مع
مصر، قال : " ما يحدث هـناك بلا شك يجب أن يقـلقـنا ، الحديث يدور حول أكبر
دولة من بين جيراننا ، وأول من وقع معـنا على اتفاق سلام ، ومن الواضح أن عدم
الاستـقـرار هناك ينعكس على المنطقة بأسرها ، إننا نريد أن تستقـر مصر وتسيطـر على
كل أراضيها ، لأن ما يهمنا استقرار سيناء واتفاقية السلام " ( اليوم السابع /
مقال بعـنوان الصحف الاسرائيلية : ليبرمان نتابع الاوضاع في مصر بقلق بالغ ) ..
لا يستطيع أحد أن ينكر أو يخفي الروابط القوية والعلاقات المتينة بين جون
ماكاين والاخوان المسلمين . وهو صديقهم الحميم الذي يعمل كما يبدو بالاصول التي
تـتـفق مع المثل القائل " الصديق وقت الضيق " . فمن هو جون ماكاين
؟ وما هي مواقفه من العـرب والمسلمين
؟
جون ماكين هو ضابط الطيران الامريكي المشارك في قـتـل الاطفال وقصف المدن
الفيـتـنامية خلال الحرب الامريكية على فيتنام والذي وقع اسقاط طائرته في احدى
طلعاته سنة 1967 حيث بقي في الاسر حـتى سنة 1973 . وهو الصديق الشخصي لسفاح الشيلي
" بينوشي " المستبد المتهم بجرائم القتل والتعذيب للابراياء .. وفي
بداية الثمانينات بعد تقاعده ، بدأ نشاطه السياسي ففاز في انتخابات مجلس النواب
سنة 1982 ثم فاز بعد ذلك بمقعد في مجلس الشيوخ سنة 1986 حيث بدأ من هناك في
المشاركة في صنع القرار الامريكي و التاثير على السياسة الامريكية التي ظهرعليها
التشدد تجاه قضايا العرب والمسلمين بفضل الصقـور المسيطرين على الادارة الامريكية
خلال العـقـود الاخيـرة ، وخاصة في التسعـينات اذ ظهر ماكاين من أكبر الداعمين
للحصار على العـراق ، ومن اكبر الداعمين للحرب على افغانستان سنة 2001 ، ثم
للعدوان على العراق سنة 2003 .. كما
يُعـرف عن ماكاين ولاؤه الشديد ودعمه اللامشروط للكيان الصهيوني . فهو الذي أعلن
سنة 2008 من تل ابيب : » إن هذا هو الوقت المناسب لإعلان مدينة
القدس عاصمة أبدية لـ " دولة إسرائيل " ويجب على المجتمع الدولى
الاعـتـراف بهذا الحق« ، كما ظهر في محيط القدس وهو يمارس تلك الطقوس اليهودية بالتباكي
على حائط البراق ..
وجون ماكاين هو الذي عمل صحـبة الصهـيوني برنارد هـنري ليفي على دعم
العدوان الاطلسي على ليبيا
الذي وصل بموجبه الاخوان وحلفاؤهم الى الحكم هناك ، وهو
الذي يقدم لهم الدعم الكامل في سوريا الآن ممثلا للدور الامريكي الذي عـبر عـنه
قائلا : " ان هذا الدور الأكبر المنتظـر ضرورى جداً وهو بمثابة خدمة
لإسرائيل الديمقراطية " !.. ( المصدر السابق ) .
وقد ظهر التناغم بين
الامريكان والاخوان في تونس ايضا بعد
الثورة ، سواء من خلال زيارة ماكين الى تونس ، او من خلال الزيارات المتكـررة
لقيادات الاخوان الى واشنطن ، التي يأتي على رأسها زيارات راشد الغـنـوشي الاولى والثانية
لتقديم الولاء والتعهدات المطلوبة بخصوص السياسة الخارجية وموضوع تجريم التطبيع
كما عبر عن ذلك بكل صراحة بانه " لن يذكر في الدستور الا ما يهم تونس "
، وهي اشارة واضحة لطمأنة المسؤولين الامريكان والصهاينة الذين زارهم في معاهدهم
المتخصصة ومراكـز بحـثهم الاستراتيجية المعـروفة بانحيازها لاسرائيل وتاثيرها
الشديد على صنع القرار في امريكا وتوجـيه الراي العام العالمي والاعلام ، مثل معهد
واشنطن لسياسة الشرق الادنى (The Washington Institute for Near East Policy) الذي زاره راشد
الغنوشي في 30 نوفمبر 2011 اثر انتخابات المجلس التاسيسي ، وهو " معهد بحـث أمريكي تأسس سنة 1985 من قبل لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
المعـروفة اختصارا بأيباك .. وينقل موقع تقرير واشنطـن إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع
الأبحاث ومراكز البحوث وأن أيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو
مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة " ( ويكيبيديا ) .
كما زار راشد الغنوشي في 30 ماي 2013 مجلس العلاقات الخارجـية بواشنطن المتخصص في تحليل العلاقات
والسياسات الدولية ، والذي يشبهه في اهدافه مجلس العلاقات الخارجية
البريطاني او المعهد الملكي للشؤون الدولية المسمى ايضا مركز " تشاتام هاوس " للدراسات الذي زاره كذلك راشد الغنوشي في 26
نوفمبر 2012 لتسلم جائزالمركز السنوية الممنوحة
له صحبة الرئيس المنصف المرزوقي . ويقوم هذا المعهد بنفس الدور الذي يقوم به مركز
واشنطن تقريبا حيث يقدم نفسه على انه » منظمة غير حكومية ،
" محايدة " مهمّـتها الأساسية هي تحليل الأحداث الدولية الجارية
ومراقبتها وتقديم حقائق عـنها لكل المهتمين مما قد يساهم إيجابا في تعميق فهم
العالم لما يجري من أحداث وتطورات « ويُـعـتبـر المركـز طبقا لنفس المصدر من « أهم المراكز البحثية
المهتمة بالقضايا السياسية في العالم « ( ويكيبيديا ) .
ثم زار ايضا أحد ابرز المراكز الداعمة لاسرائيل في 31 ماي
2013 وهو " مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط (Saban Center for
Middle East Policy) ، وهو مركز تفكير في الولايات المتحدة ، يديره مارتن إندك " . الذي انتقل اليه
بعد أن اشتغل سفيرا للولايات المتحدة في تل أبيب .." ويأتي مركـز سابان في مقدمة أقسام الأبحاث بمعهد بـروكينغـز .. تأسس المركز في 13 ماي 2002 وسُمّي باسم المتبـرّع الأساسي لإنشائه رجل الأعمال اليهودي الأميركي حاييم سابان وقد دفع 13 مليون دولار أميركي لانشاء المركـز...
" ( ويكيبيديا ) .
وقد كان
راشد الغنوشي محل ثقة واهتمام من قبل مجلة " تايم " التي صنّـفته ضمن
100 شخصية عالمية ، و هي المجلة التي يظهر بوضوح انحيازها للاخوان في الكثير من
المناسبات ، على غـرار مساندتها الواضحة لهم خلال محـنتهم الاخيـرة في مصر ودفاعها
عـنهم باستمرار كما ورد في المقال المنشور بتاريخ 19 جويلية 2013 بعـنوان : اين
مرسي ؟ جاء فيه حول الاعتقال : " كلما طالت مدة احتجازه ، ترسّخ الاعـتقـاد
بأنه معـتقـل سياسي، أو «سجين ضمير»، وهو مفهوم يجب على الحكومة الانتقالية
تجـنّـبه » ..
أما عن العلاقات قبل
الثورة فانها تشمل العديد من التسريبات حول الوساطات التي أجراها رضوان المصمودي
رئيس مركز الاسلام والديمقراطية في واشنطن بين الاسلاميين والسفارة الامريكية في
تونس سنة 2006 والتي شارك فيها العديدة من الشخصيات على
راسها صلاح الدين الجورشي و سعيدة العكرمي زوجة سمير ديلو و حمادي الجبالي ..
بالاضافة الى اللقاءات والرسائل المبعوثة لبن علي للاعلان عن التوبة " وطي
صفحة الماضي " حسب تعبير حمادي الجبالي في تلك التقارير . ( the hilal post مقال بتاريخ 7جويلية 2013 بعنوان les relation
sionistes du parti tunisien Ennahdha ) .. وهي تقريبا نفس التسريبات التي أفصح عـنها
منذ سنوات والمعـروفة بوثائق ويكليكس حول العلاقات بينهم وبين السفارة الامريكية
في تونس في تلك الفترة .. هذا فضلا عن علاقاتهم المشبوهة قبل الثورة، بمنظمة هيومن
رايتس التي تـنشط في العالم تحت مسميات حقوق الانسان وهي تدعم في الواقع شخصيات
تختارها و تصنع منها زعامات في بلدانها تروّج للسيسات التي لا تـتـنـاقض مع
السياسة الامريكية ، والتي كان وزير حقوق
الانسان سميـر ديلو على علاقة متينة بتلك المنظمة ..
ولعل المتتبع لكل هذه العلاقات والاهتمام المتبادل بين الجانبين ، لا يسعه
الا أن يثيـر التساؤلات من ناحية حول سر اهتمام
راشد الغـنـوشي بتلك الدوائر البحثية ذات المرجعـية الصهـيونية المتخصصة في صنع
القرار وتوجيه الرأي العام ورجال السياسة والإعلام لخدمة القضايا الحيوية للولايات المتحدة و
حليفتها اسرائيل .. ولماذا يلهث
وراءها ويسعى للتقرّب منها ؟ ومن ناحية
ثانية حول اهتمام تلك الدوائر به شخصيا ، الى درجة أن أغرق مارتن أنديك في تقديمه
للحاضرين خلال زيارته لمعهد واشنطن لمدة 4 دقائق بين الشكر والثناء عـليه واصفا إياه
بـ " الإسلامي العـزيـز " .. !!
والجواب : أنها المصالح والحسابات المستقبلية التي تحكم كل العلاقات
السياسية بدون أدنى شك ..
فالسيد راشد الغنوشي يريد تبليغ
رسائل وتطمينات لنيل الرضا والقبول داخل الأوساط
الامريكية التي لا تزال تنظر بعين الريبة
والشك لجماعات الاسلام السياسي الصاعدة بعد
ثورتي مصر وتونس .. وفي نفس الوقت نجد الجانب الأمريكي الذي خاض صراعات طويلة مع أجنحة
مختلفة من تلك الجماعات في افغانستان والعراق ، يحاول ترويض الاخوان لتكون حركتهم على شاكلة الانظمة العربية
التقليدية في مواقفها وعلاقاتها بالامريكان ...
من هنا تتضح ملامح التوجهات والنوايا المستقبلية في بناء علاقات تخدم أهداف
الطرفين اللذان يعرف كل منهما أهداف الآخر بلا شك ، لكنه يحرص عليها و يسعى الى تحقيقها ..
وهو ما ستكشف عنه العلاقات بين الطرفين في المستقبل .. أما بالنسبة للحكم على ما
يجري ، فيكفي أن نعـرف اهداف أمريكا في
المنطقة ، ومواقفها المعادية للمصالح العربية والإسلامية ، ويكفي أن نتذكر فعلها الإجرامي
في تدمير العراق واحتلاله ، ويكفي كذلك أن نذكر علاقاتها بإسرائيل ، وما تقدّمه من دعم لا محدود لهذا الكـيان الغاصب منـذ
قــيـامه ، لكي يكـون قـادرا دائما على
قـتـلـنا و تشريدنا ، حـتـى نـعــرف طـبـيعة حـلفـائها واصداقائها من ناحـية .. ونفهم كـذلـك اسرار تـلـك العلاقات بينهما من
ناحـية ثانية .. فـ " الحكمة ضالة
المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها " كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه
و سلم .. او كما يقول المثل : " قل لي من أصدقاؤك أقول لك من أنت " ..
والمؤكّد أن أمريكا لا ترضى الا عن الحلفاء الأوفياء الذين لا يرفضون
سياساتها .. والذين يعملون طواعـية على تحقـيق أغراضها وهم يفكـّرون فقط في تحـقـيق مصالحهم الحـزبية التي
تجعلهم دائما مستـعـدين لـتقديم التنازلات ..
وهو ما يذكّـرنا بما قاله الزعـيم الراحل جمال عبد الناصر في هذا الخصوص
" اذا رأيتم امريكا راضية عـني فاعـلموا اني اسير في الطـريق الخطأ "..
وهي حكمة حقـيقـية تجعـلنا نأخذ بها عملا بأمر الرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم ، ثم نتساءل بجدية : اذا كان الذي
ترضى عـنه امريكا يسـيـر في الطريق الخطأ ، فماذا نقول عن أصدقاء ماكاين
، وبرنارد ليفي ، ومارتن انديك ، وغيرهم
من الصهاينة البارزين ..؟ !!
( نشرية القدس العدد 87 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق