بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 ديسمبر 2013

الاخوان في فخ السلطة ( 3 ) ..

الاخوان في فخ السلطة ( 3 ) ..

ان الاخوان المسلمين كحركة ذات مرجعـية فكرية أصولية ، تعتمد على قراءة محددة للواقع وتطرح من خلال تصورها للمستقبل حلولا تعتقد انها الصحيحة ، فتعمل مثل غيرها على تحقيقها بالاسلوب الذي تراه .. وقد اختارت منذ نشأتها موالاة الحكام ( اولي الامر ) ، ثم اتباع النهج الاصلاحي الخ .. غير أن الحركة لما طال بها المدى ، والتقلبات في اللعـبة مع الانظمة ، ظهرت من رحمها مجموعات متشددة ذات مرجعـيات متطرفة ، أحادية التفكير ، لا تؤمن بالاختلاف ولا بالتعايش ، ثم نزعت نزوعا جارفا نحو العنف الذي طغى عليه خطاب التكـفـيـر، والذي بدى في الوهلة الاولى وكأنه موجه ضد الغـرب باعـتبار مخالفـتهم للاسلام أولا ، وباعتبار مواقفهم وأفعالهم العدوانية تجاه العرب والمسلمين ثانيا .. غير أنه سرعان ما اتضح انه خطاب موجه ضد كل المخالفـيـن دون تمييـز أو استـثـناء .. ولما كان المتشددون يبنون اعتقادهم على مسلمة اتخذوها من جهة " تقيـيمهم " لكون " الدين في خطر " وأن عقيدتهم الدينية كما " آمنوا " بها تفرض عليهم الدفاع عن دينهم ، و" حمايته " ، و" نصرته " الى آخر هذا الكلام ... فان دورهم يصبح دورالوصي الذي يحقّ له " شرعا " - كما يعتقدون - الدفاع عن الدين اذا رأى مصلحة في ذلك ، و بأي طريقة ، لان تلك الغاية - " لا شك " - تبرر أي وسيلة .. غير أن المشكل يصبح وقتها في الاعتقاد السائد لدى هؤلاء بان كل من يخالف رأيهم المستمدّ - في نظرهم - من المقدس هو أيضا مخالف للمقدس !! .. لذلك فهم لا يترددون في اصدار " الفتاوي " وفق ما يتفق مع المصالح التي يتولون تقديرها ، ثم يختارون لها الاسلوب الذي يرونه مناسبا ، حتى وان كان يُـلحق ضررا بالخاصة أوبالعامة .. طالما أنه من أجل الدين .. !! وهوما يفسر الاقدام على القـتـل عند المتشددين لان العمل على" نصرة الدين " بتلك الطريقة ( القتل ) هو عمل جائز ، " يتقرّب " به فاعله الى الله .. !!
وواضح أن الدين بهذا المعـنى قد اصبح ملكا لمن يدعـيه .. ! فيحق له ان يشرّع لنفسه وللمجتمع ما يعتقد أنه الدين .. ثم يفرضه غصبا على الآخرين وفق تقديره للحق والباطل ، والخير والشر ، والصواب والخطأ .. خارج أي مقياس موضوعي ، أو معـرفي ، ودون أي ترجيح للنسبية التي تحف بهذه المسائل الخطيـرة .
والواقع فانها افكار لا اساس ولا وجود لها في ديننا اذ ان جوهـر الدين ومقاصده جاءت بالاساس للمحافظة على سلامة المجتمع واسعاد الناس فيه .. ولعل اللافت للانتباه ان تلك المجموعات – بحكم مواقفها المتشدة - كانت في السابق في صراع دائم مع الانظمة الحاكمة المسماة " علمانية " .. الا ان الجديد اليوم هو وجود الاخوان المسلمين في السلطة كما هو حاصل في تونس .. الى جانب وجودهم في مجتمع مدني يشدد عليهم التمسك بالسلطة المدنية ، مما جعلهم بين مطرقة المعارضة والمجتمع المدني المحلي والعالمي ، الذي يترصد مواقفهم وتصريحاتهم ذات الصلة بالحريات الشخصية والديمقراطية وحقوق الانسان .. وبين سندان الحركات المتشددة وبعض الانصار الذين يطالبون الحركة بعدم الانسياق وراء " العلمانيين " كما يحلو لهم تسميتهم .. وهو ما أجبرها على المناورة والظهور أحيانا بخطاب مزدوج موجه لهذا وذاك .. !
ورغم ان حركة الاخوان قد حاولت كـبح جماح الحركات المتشددة من خلال التفاهمات التي أجرتها معهم في عدة لقاءات ، الا أن تلك المجموعات المتخوّفة من رجوع " العلمانيين " على راس السلطة في المرحلة القادمة ، استعجلت أمرها ، وكثـفت من النشاط الدعـوي .. وفي نفس الوقت شرعت في تجميع السلاح في مخازن خاصة في أكثر من موقع .. وهو ما أحرج الاخوان في النهاية وأدخل في صفوفهم الارتباك .. 
وقد اقتضى الامر مرور سنـتـين كاملـتـين من التـلاعـب واخفاء الحقائق على الشعـب حتى نمت الظاهـرة وترعـرعت بين تونس وليبيا وسوريا ومالي من جهة ، وبين عصابات الداخل المتورطة بدورها في التهريب وتبـيـيض الاموال مستـغـلة كل الظـروف لخدمة مصالحها على حساب المصالح الوطنية .. حتى أصبح جميع هؤلاء كالافـعى متعـدّدة الـرّؤوس في خطـورتها وقدرتها على تحمل الضربات .. الشيئ الذي أضرّ بالاخوان أكثر من غـيـرهم حـين تحوّل الهـزل الى الجد ، و بدأت الاغـتـيـالات والاعـتـداءات تظهـر متـزامنة مع الازمات !!


 ( نشرية القدس عدد 100 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق