لا وصاية في الاسلام ..
لقد
كلف الله رسوله الكريم بتبليغ دينه الذي ارتضاه للناس
كافة في مشارق الارض ومغاربها ، وترك فيهم من بعده كتاب الله .. وقد ورد التأكيد
على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :" قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْـتَصَمْتُمْ بِهِ
كِتَابُ اللَّهِ " (رواه مسلم ) .
والواقع
فان تاكيد الرسول على ان في تمسك المسلمين بكتاب الله ضمان لعدم الظلال ، هو دليل
بحد ذاته على أن الامر فيه سعة واجتهاد .. وهو أن المسألة تبدو من هذه الناحية كما
لو كان الرسول ينبهنا الى ان هذا المرجع يحتوي على ثوابت لو تمسك بها المسلمون سوف
يجدون انفسهم دائما على الطريق الصحـيح ، في حين يكون كل ما يصادفهم في حياتهم
المتجددة والمتـغـيـرة حتما ، من جدال واختلاف بينهم ، سببا للخلق و الابداع ، فلا
يؤثر على عقـيدتهم ولا على دينهم بشكل عام .. هذا من ناحية .
أما
من ناحية ثانية فان الامر يبدو كما لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم بتأكيده على
كتاب الله ، انما يُـبلغـنا ضمنيا بأن أمر الدين قد صار منتهـيا ومعـروفا للعام
والخاص منذ أن قال سبحانه : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي و
رضيت لكم الاسلام دينا " ( المائدة / 3 ) ، وفي ذلك لفت انتباه مهم مفاده ان
النبوة قد انتهت وانتهى معها التكـليـف الفردي بالتبليغ الذي كُـلف به الرسول وحده
، فرفع بذلك الوصاية على الدين ، واصبح الاسلام ملكا للمسلمين كافة ..
والله
أعلم .
( نشرية القدس عدد 100 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق