محور الشر ..
حينما يتحدث أحد عن الاشرار ، فهو يقصد بالتأكيد الذين يُضمرون له الشر ..
لذلك فان الاشرار بالنسبة لأمتنا، هم الذين خططوا في السابق اوالذين يخططون الآن
للعوان عليها ..
وهكذا كان الصليبيون أشرارا حينما قدموا من مختلف أرجاء اوروبا ، مجهزين
بكل وسائل العدوان ، رافعين لواء الصليب ، مطالبين بتحرير بيت المقدس من العـرب
الغاصبين ! وقد عرفت الاحداث قرنا كاملا من
الصراع على الوجود ، فشل من خلاله الصليبيون في تضليل العـرب المسلمين منهم والمسيحيين
لقبول تواجدهم بينهم .. لان الانتماء الديني لا وطن له ، وأن المجتمعات القبلية
حين تجاوزت تعددها واستقرت مجتمعة على ارض واحدة خاصة بها ، صارت أمما و صار لكل أمة
منها شعبا يعيش على ارضه الخاصة .. فكان التستر بغطاء الدين لا طائل منه على
الاطلاق ..
وهكذا ايضا كان التتار أشرارا حينما اعتدوا بهمجـية على بغداد و بلاد الشام
وعاثـوا فـيهما فسادا الا ان العـرب المسلمين منهم و المسيحين قد تصدوا للعدوان وأفشلوه
رغم اكـتشافهم بان أغلبهم كانوا مسلمين ..
كما كان الصهاينة أشرارا حين قدموا من جميع أنحاء العالم في شكل عصابات، رافعـين
النجمة السداسية ، مطالبين بتحرير فلسطين من الغـزاة العـرب ، واقامة دولة اسرائيل
من الفرات الى النيل .. غير أن الصراع لا يزال متواصلا معهم على اساس الوجود ،وهو
ما يعـني أنهم فشلوا الى حد الآن في فرض الامر الواقع على العـرب المسلمين منهم
والمسيحيين الذين لم يعرفوا الوجود اليهودي المستقـل في اي عصر .. وحتى عندما كانت
الديانة خاصة بهم ، لم يكونوا هم مختصين بالارض ، بل كانوا مثل غيرهم يبحثون عن
الاستقرار حيثما يجدون موارد العيش ..حتى اذا جاءت المسيحية ، ثم جاء بعدها
الاسلام فتغـيّـرت عقيدة الناس من عصر الى عصر ، ومن ديانة الى أخرى لكن الارض ظلت
هي الارض ، حاضنة كل الديانات .. ان هؤلاء كانوا الاشرارالسابقين ، غـيـر أن ما
يحدث الآن في سوريا هو عدوان يشنه التـتار الجدد الذين قدموا من كل صوب وحدب تماما
كما جاء قدماء المغـول والصليـبـيـون والصهانة ، لا يختلفون عـنهم الا في الرايات
السوداء التي يـرفعـونها ، مردّدين شعارات الاسلام ، وهم يقـتـلون الابرياء على
أصوات التكبـيـر، ويهدمون ما بناه المسلمون من قـبلهم حتى صارت الامة العـربية
كيانا واحدا رغم التجزئة والتقسيم .. فجاء هؤلاء يخوضون الحرب بالوكالة ، ويحرقون
الاخضر واليابس ، ويفـتـّـتـون النسيج الاجتماعي للامة الذي استـقـرّ على التعايش
والتسامح منذ مئات السنين ..
( القدس عدد 101 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق