بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

الحرية وحقوق الانسان ..

الحرية وحقوق الانسان ..

الحرية مطلب انساني ضحّى من أجلها الكثيرون ، ودفع في سبيلها آخـرون حياتهم .. فصدق من قال أن : " الحرية تفـتـك ولا تعطى " وأن " لا حرية بدون أحرار"  .. والحرية بكل هذه المعاني جعـلت عمر بن الخطاب رضي الله عـنه يطـلق قولته الشهـيـرة منذ ما يزيد عن 14 قرنا : " متى استعـبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " ..
ولذلك فان الدفاع عن حقوق الانسان ارتبط بشكل مباشـرمنذ وجـوده  بالدفاع عـن الحـريات ، وحمايتها بقطع النظـرعـن الجـنس أو الـلـون ، أو العـرق .. وهو ما جعـل فكـرة الحرية تتحول الى مضامين عـيـنـية تـتـوحّد  حولها الانسانسة كافة ، وتعـمل على التصدي لأي نوع من الانـتهاكات ..
غـيـر أن  للحرية معـنا آخر يجعـل من دعاة حقوق الانسان في المجتمعات المتخلفة يفقدون مصداقـيتهم ، وتجعل مسألة الدفاع عن حقوق الانسان رغم أهميتها فارغة من اي مضمون ..
ولعل ما يجري في تونس يكون مثالا صادقا على ذلك .. اذ أن المواطن الذي لم يعد يعاني مثلا من المضايقات بسبب افكاره ، يصبح في نظر المدافعـيـن عن حقوق الانسان حـرا .. وهو ما يعـتـقده رئيس الدولة الرجل الذي ارتبط اسمه بحقوق الانسان منذ عقـود .. كما يمثل المفهوم السائد  للحرية لدى الاحزاب الحاكمة أيضا ، التي ترى في حرية الرأي وحرية التعـبير ،  مكسبا يغـني في حد ذاته عن اي مطلب آخـر ..
بينما لا يقولون مثلا ما قيمة الحرية بالنسبة لمن هم محرومين من الشغل ؟ اولائك الذين لا يقدر الكثيرون منهم على توفـيـر ابسط المستلزمات الحياتية ، فـيعـيشون عالة على ذويهم ؟ وما  قيمة الحرية بالنسبة لمن هم بلا مؤوى لائق بسبب فـقــرهم وعدم قدرتهم على توفـيـر تلك الاحتياجات ؟ وما  قيمة الحرية ، حرية التفكـيـر أو حرية الرأي والتعـبـيـر ، بالنسبة لمن هم لا يقدرون على توفـيـر الغذاء الضروري لابنائهم المحتاجين ؟ وما قيمة الحرية بالنسبة لمن هم لا يقدرون على توفير الدواء اذا مرضوا ، أو على توفـيـر الغطاء اذا شعـروا بالبرد ، أوعلى توفير مستلزمات التعليم حتى لا ينقطع ابناؤهم عن الدراسة ..
؟ ما قيمة الحرية في ظل هذا الوضع الذي يجعـل المجتمع  مشلولا يخوض فيه أبناءه صراعا مريرا من أجل الوجود .. ؟ ألا يمثل كل مطلب من تلك المطالب حقا أساسيا من حقوق الانسان ..؟


( القدس العدد 103 ) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق