القدس عنوانها وفلسطين بوصلتها

القدس عنوانها وفلسطين بوصلتها
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجزء الخامس عشر

روابط الأجزاء :

تـقديــــم / الجـــزء 1 / الجـــزء 2 

الجــزء 3 / الجــزء 4 / الجــزء 5  

الجــزء 6 / الجــزء 7 / الجــزء 8 

الجـزء 9 / الجـزء 10 / الجزء 11 

الجـزء 12 /الجزء 13 الجزء 14

الجـزء 15 / الجزء 16 الجزء 17

الجزء 18 / الخاتمة / المحتوى كامل  

فرز واحد ... أم فرز متعدّد ... ؟

دراسة في أقوال ومواقف الدكتور عصمت سيف الدولة .

-15-

أكثر من هذا حسما وتدقيقا في تحديد أسلوب الفرز والتصنيف الخاص بالمواقف هو ان الدكتور عصمت سيف الدولة استعمل مفهوما أكثر شمولية في فرز المواقف من المفهوم السابق الذي يعتبر خاصا بمواقف متحركة قصيرة المدى مقارنة بهذا المفهوم الذي يتميز بثبات الموقف في الزمان ، وفي ظروف يسيطر فيها - موضوعيا - موقف على مواقف عديدة أخرى مثل الوضع في ظل الاحتلال ، مستعملا عبارة "التيار" عندما كان يناقش كتّاب مجلة الشورى في موضوع انتماء ثورة يوليو وعلاقتها بواقع ما قبل الثورة ، وصولا لفهم هويتها السياسية من خلال المبادئ الستة التي جمعت أعضاءها ، مقسما القوى السياسية النشيطة - حسب طبيعة المرحلة - الى تيارين : تيار ثوري ، وتيار إصلاحي .. وقد جاء هذا التوضيح في كتابه حوار مع الشباب العربي حين قال : "وفي مواجهة الاحتلال الأجنبي يختلف الناس أسلوبا فمنهم الثوري ومنهم الإصلاحي .. الثوري يتعامل مع القوى الاستعمارية بأسلوب التعامل مع الأعداء ، فهو لا يعترف ولا يصطلح ولا يفاوضها ولا يساومها بل يقاتلها بكل أداة من اول الكلمات الى الرصاصات . ويدرك الثوريون أن التناقض الأساسي في ظل الاحتلال الأجنبي يقوم بين إرادة التحرير من ناحية وواقع القهر من ناحية أخرى ، فيضعون متطلبات معركة التحرر فوق كل المتطلبات الأخرى . ويحددون مواقفهم من الأحداث والناس والقوى طبقا لمواقفها من معركة التحرر . اما الإصلاحيون فيتعاملون مع قوى الاحتلال من منطلق مهزوم أصلا . يعترفون بشرعية الأمر الواقع ويصالحون أعداءهم ويفاوضونهم ويساومونهم على ذات مصير وطنهم . وفي كل مجتمع محتل لا يوجد - اذا استبعدنا الخونة - الا تياران سياسيان : تيار ثوري وتيار إصلاحي" .. ثم نجد ردا وافيا يخص فكرة التصنيف المبنية على آلية الفصل والتركيب بين أهداف ومبادئ الثورة الستة من جهة وأعضائها من جهة أخرى ،  بحيث تنتهي العملية وفقا لهذه المنهجية الى تحويل تنظيم الضباط الأحرار ومن بعده مجلس الثورة الى مجرد مجموعة توافقية متعددة الانتماءات والاتجاهات ملتقية على أهداف عامة ، يعبر كل هدف منها أو بعضها على خلفية فكرية لكل عضو من الأعضاء المنتمين للتنظيم كما لو كانت امتدادا للاتجاهات الموجودة في الساحة السياسية .. وهو ما اعتبره الدكتور نهجا خاطئا في فهم هوية الثورة معتمدا منهجية مغايرة في التصنيف جاء فيها هذا الرد تحت عنوان "خطأ المنهج" قال فيه : "أحسب أن الدكتور عبد الكريم أحمد لم يقصد ظلم ثورة 23 يوليو حين ظلمها ، إنما أراد أن ينصفها فانتهج في بيانه خطأ منهجيا ذهب بما قاله دفاعا عنها الى حافة الظلم لها .. وهو لم يفعل هذا غير ما يفعل غيره من الذين لا يهتمون كثيرا بمناهج البحث العلمي فتفوتهم العناصر اللازمة لتفسير الاحداث التاريخية تفسيرا صحيحا"  ..

فمثلا :

- لما أن عرف من معاصرته لتاريخ ما قبل ثورة 23 يوليو 1952 أن تيارات سياسية عدّدها ، كانت ترفع كل منها - منفردة - شعارا أو أكثر من المبادئ الستة التي قامت عليها الثورة ، تصوّر أن تلك المبادئ وقد اجتمعت في الثورة بقيت كما هي فاعتبر مبادئ الثورة امتداد لمبادئ الأحزاب قبلها . وفاته أن المبادئ المتفرقة بين قوى متعددة تحمل كل قوة ما تشاء منها ، اذا اجتمعت لقوّة واحدة فقد تغيرت . تغيرت نوعيا وفي مضامينها ولم تعد هي ، لسبب بسيط وهي أنها عندما تجتمع تتكامل . يؤثر كل منها في الآخر فيغير مضمونه ، ويصبح كل منها حدا للآخر فتصبح أجزاء لا تفهم الا منسوبة الى الكل الذي يجمعها . وتطبيقا لهذا نستطيع ان نقول أن مضمون كل مبدأ من المبادئ الستة التي حملتها ثورة 23 يوليو ليس امتدادا أو استمرارا على أي وجه لذات مضمونه يوم أن كان يحمله - منفردا - أي من التيارات السياسية السابقة على ثورة 23 يوليو .

- لما أن عرف من معاصرته لتاريخ ما قبل ثورة 1952 أن كل واحد من أعضاء مجلس قيادة الثورة كانت له انتماءات فكرية أو تنظيمية ، ثابتة أو متغيرة ، بواحد أو أكثر من الأحزاب والقوى السياسية السابقة ، تصوّر أنهم عندما اجتمعوا معا في مجلس قيادة واحد لتنظيم ثوري واحد كأنّ كل واحد منهم ما يزال محتفظا بانتمائه السابق . فكما جمع المبادئ الستة ميكانيكيا ، جمع مجلس القيادة ميكانيكيا فأصبح هو فلان وفلان وفلان . وفاته أن مجلس قيادة الثورة "شخص" آخر غير الأشخاص الذي يتكوّن منهم . لهذا الشخص فكر اخر غير أفكار كل منهم وله إرادة غير إرادة كل منهم ، وله أهداف غير أهداف كل منهم ، لأن أفكاره وارادته وأهدافه هي الحصيلة الجدلية لالتقائهم على أفكار وإرادات وأهداف أكثر منها نضجا وتقدما لأنها ثمرة الحوار والصراع الجدلي بين الأفكار والإرادات والأهداف فيما بينهم . ولا يمكن أن تنسب الى الثورة أفكار أو إرادة أو أهداف الا ما ينسب لهذا الشخص الأخر الذي هو مجلس القيادة كما يعبر عنه صاحب الحق تنظيميا في التعبير عنه وهو قائده ".. 

وفي سياق هذا التحليل المنهجي يواصل الدكتور عصمت سيف الدولة الرد على مدى صحة أسلوب الاستدلال بمواقف بعض الأعضاء الذين تراجعوا أو انقلبوا على أعقابهم وكتبوا ما أرادوا أن يكتبوه في مذكراتهم قائلا : "ان الدراسة المنهجية الصحيحة لا تعتد بما يقولون إلا من حيث مدى أثره السلبي او الايجابي في فكر الثورة وإرادتها وأهدافها ، ولكنها لا تعتد به كفكر او إرادة او هدف من أفكار و إرادة وأهداف الثورة .

إنهم يبحثون ، يا دكتور عبد الكريم ، عن صكوك براءة مما يحسبونه تهما وهو موقف مجرد من العلمية ومن الأخلاق أيضا فلا تتبرع لهم بما يريدون وأنت لست معهم ولست مثلهم خلقا .

ان الخطأ المنهجي الأكبر الذي وقع فيه الدكتور عبد الكريم احمد ، وكل الذين كتبوا ويكتبون عن علاقة ثورة 23 يوليو بما سبقها من مبادئ وقوى قد سلبه ، كما سلبهم ، المقدرة على الإجابة على السؤال الحاسم :

إذا صح ان أعضاء مجلس قيادة الثورة قد ظلوا بعد قيامها على أفكارهم وانتماءاتهم السابقة ، فلماذا أسسوا "منظمة الضباط الأحرار" أصلا ..؟ لماذا لم يحاول كل منهم ان يحقق ما يريد من موقع انتمائه الفكري والحركي الى القوة السياسية التي كان ينتمي اليها ؟ ..

لا بد ان يكون كل واحد منهم قد قارن بين جدوى بقاء انتمائه القديم فكريا او تنظيمياً وجدوى انتمائه الى منظمة جديدة فاختار الجديد .

وهنا يكمن السؤال : ما هو الفارق - الجديد - الذي حمل كل واحد منهم على حدة على ان يختار الانتماء الى الضباط الأحرار بدلا من الانتماء إلى حزبه؟

الجديد أما ان يكون في الفكر او يكون في الأسلوب ".. وهو يقصد أسلوب التغيير في ظل الاحتلال ، الذي يجعل الناس ينقسمون الى ثوريين وإصلاحيين ..

ثم يواصل في تفكيك ألغاز ثورة يوليو من خلال الكشف عن خفايا تاريخ طويل مجهول من تاريخ الحركة الوطنية في مصر للإحاطة الكاملة بموضوع الحديث المتعلق بجذور الثورة ، متحدثا من موقع المعايشة والمشاركة أيضا في أحداث تلك المرحلة كما يُفهم من الحديث ، وكما يشهد بذلك الكثيرون .. وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر أربع شهادات مختلفة تؤكد انتماء  عصمت سيف الدولة الى الحزب الوطني ومشاركته في المقاومة الشعبية وإشرافه على تنظيمها والتواصل مع تنظيم الضباط الأحرار قبل ثورة 23 يوليو 1952 ، وهي شهادات منقولة عن رجال المقاومة الذين كتبوا عن تلك الفترة أو من رفاق عصمت سيف الدولة نذكر منها تأكيدا لما ذكر في هذا الجانب :

الشهادة الأولى نأخذها من كتاب "قصة حياة عادية" (ص 99 و100) ، للدكتور يحيى الجمل (طبعة دار الهلال) جاء فيه : " ... كانت الحركة الوطنية تتصاعد يوما بعد يوم حتى وصلت الى أولئك التجار والمتعهدين الذين كانوا يتعاملون مع القوات البريطانية في القناة  ، فامتنعت كثرتهم عن تلك المعاملات واعتُبر من استمرّ في تعامله معهم خائنا خارجا على الإجماع الوطني معرضا نفسه لمخاطر شتى .

وتنادى شباب الحزب الوطني لإعداد كتيبة خاصة بهم ، وان صاحبنا (مؤلف الكتاب) مازال يذكر أسماء "عصمت سيف الدولة" و"أحمد مجاهد" و"حسين عنان" و"حسين محمود" وغيرهم من شباب الحزب الوطني الذين حملوا عبء تكوين تلك الكتيبة وتدريبها ومدها بقطع السلاح الصغيرة .

واتفق شباب الحزب الوطني على أن يطلقوا على كتيبتهم اسم "كتيبة محمد فريد" .... وكان المرحوم "عصمت" هو المنظم وهو الموجّه لتلك المجموعة من الشباب الوطني المتحمس . ولم يكن "عصمت" شابا عاديا بأي معيار ، كان قادرا على اثارة مشاعر متناقضة لدى نفر من الشباب الذي التف حوله يسمع له ويتعلم منه ، ويعجب لكثير من أمره في بعض الأحيان .

وعند "عصمت" في ذلك المسكن القريب من ميدان السيدة زينب ، الذي كان يتخذه بيتا ومكتبا بعد أن تخرج في كلية الحقوق ، وأنهى فترة التدريب ، واتخذ له مكتبا مستقلا للمحاماة في ذلك الموقع بالقرب من دار الهلال ومن المدرسة السنية ومن مسجد السيدة زينب . عند عصمت التقى صاحبنا ذات ليلة بضابط مهيب الطلعة له شوارب كثة في غير افتعال ، أبيض الوجه فارع الجسم ، عيناه نفاذتان وعلى وجهه وقار وإيمان ، وعرف من عصمت أن هذا الضابط الكبير الذي كان برتبة "عميد" أو ما يقابلها أيام النظام الملكي - قبل 1952 - هو المسؤول عن تدريب كتيبة محمد فريد وعن تدريب غيرها من الكتائب ، التي تتوجه الى مشارف القناة ويتسلل بعض أفرادها الى معسكرات الجيش البريطاني ، ويتربص بعض أفرادها بجندي يسير منفردا فيطلقون عليه الرصاص ، ويستطيعون بذلك أو بغيره أن يحدثوا نوعا من القلق الذي قد يصل الى الذعر في بعض الأحيان وسط الجنود البريطانيين . وكانت الصحافة الوطنية تكتب أنباء المصادمات بين كتائب الفدائيين وقوات الاحتلال بغير قليل من الفخر والاعتزاز ، وغير قليل من المبالغة أيضا .

وأعجب صاحبنا بذلك الضابط الجميل الطلعة الوقور المتواضع ، ولم يخبره "عصمت" باسمه آنذاك ولكنه عرف بعد ذلك وبعد أن تغيرت أحوال كثيرة من أحوال مصر ، أن ذلك الضابط هو "رشاد مهنا" الذي أصبح بعد ذلك وصيا على عرش مصر الذي كان يجلس عليه الطفل أحمد فؤاد الثاني ملك مصر لبضعة أشهر ، الى أن ألغت الثورة النظام الملكي وأقامت مكانه النظام الجمهوري "..

والشهادة الثانية ، نأخذها من مقال للأستاذ مصطفى نبيل بعنوان "عصمت سيف الدولة شيخ جبل البداري" ، نشر بمجلة الهلال بتاريخ 1 ماي 1996 وقد اعتمده أيضا كتقديم للكتاب قال فيه : "... وأعرف بعض تجاربه الأولى فقد كان ضمن التنظيم السري للحزب الوطني ، حزب مصطفى كامل ومحمد فريد ، بما يمثله هذا الحزب في السياسة المصرية من الطهر والبراءة والمثالية ، والتمسك الشديد بالمبادئ والتعامل مع النظرة التاريخية لا النظرة الآنية ، وهم أصحاب شعار "لا مفاوضة الا بعد الجلاء" والذي يعبر عن رفضهم للمفاوضات مع بريطانيا ، وعمل الكاتب بعد تخرجه في كلية الحقوق  في مكتب أحد أقطاب الحزب الوطني وهو مكتب زكي علي باشا والذي تشرب منه "إغاثة الملهوف والوقوف مع المظلوم" .. وانتهى بكاتبنا الحال الى أن أصبح محاميا في معظم القضايا السياسية والوطنية ... وما أحوجنا الى تسجيله لتجربته عندما كان ضمن كتائب الفدائيين الذين قاتلوا الإنجليز في القناة عام 1951 ، بعد إلغاء معاهدة 1936 .. كنا ننتظر روايته وأن يقدمها للأجيال الجديدة وهو من القلائل الذين يقفون مع الشباب بلا تحفظ ويؤمن بقدرته على صنع المستقبل " ..

أما الشهادة الثالثة ، فهي من كتاب "الثائر الصامت" (ص 214) للكاتب عبد العزيز علي (طبعة دار المعارف) قال فيه : " وأما شباب الحزب الوطني الذين كانت لهم خبرة سابقة بالنشاط السري فقد اتخذوا من تلك الحركة الشعبية الدافقة سبيلا لتشكيل كتائب مقاومة يُنتقى أفرادها ويدرسون أفضل تدريب ويسلحون بما فيه الكفاية . وكل ذلك طبق نظام دقيق وسري ، ومبعث السرية هنا هو عدم اطمئنانهم لما كانت تتظاهر به الحكومة من الرضا على العمل الفدائي .

ويشاء القدر أن يكون الأستاذ عصمت سيف الدولة المحامي أحد أفراد هؤلاء الشبان محاميا لأسرة الضابط عبد المجيد فريد الذي توثقت بينهما الصلة خلال عمله وعن طريقه تم التعارف بين عصمت والضابط رشاد مهنا ، وأخذ الثلاثة يجتمعون بمكتب الأستاذ عصمت بشارع خيرت بالسيدة زينب يدبرون خطة إعداد المتطوعين ، واتفقوا على أن يتم اختيار الصالحين منهم بعد اختبارات دقيقة ثم يُدعون الى دروس يلقيها عليهم بالمكتب بعض الضباط والمدربين حتى اذا ما بلغ عددهم عشرين يُنقلون الى سلاح المدفعية للتدريب العملي بين الجنود ، ثم يُنقلون الى سلاح المهندسين للتدريب على المتفجرات وكيفية استعمالها .

وتكوّنت على هذا الوجه في بادئ الأمر كتيبتان تضم كل منها حوالي عشرين متطوّعا وجُعلت لها قيادة مدنية وأخرى عسكرية . أما القيادة المدنية فكانت من شباب الحزب الوطني كتيبة مصطفى كامل بقيادة عصمت سيف الدولة ، وكتيبة محمد فريد بقيادة حسن بسيوني . وأما القيادة العسكرية فقد تولاها الضباط الأحرار وأوكلوا أمرها الى الضابط الطيار وجيه أباظة الذي كان أول من بدأت به تشكيل الضباط الأحرار مع زملائه عبد اللطيف البغدادي وحسن عزت وأحمد سعود وحسن إبراهيم .. وسافرت الكتيبتان مصطفى كامل ومحمد فريد الى منطقة أبو حمّاد والتل الكبير وبقيتا تزاولان نشاطهما في المنطقة الى اخر يناير 52 ، أي بعد حرق القاهرة دون أن يعلم أحد من أمرهما شيئا بفضل الجدية والسرية التامة والبعد عن المن وحب الظهور والعمل الخالص لوجه الله " ..

علما أن صاحب الشهادة الثالثة ذكره الدكتور عصمت سيف الدولة أكثر من مرة في عرضه الطويل لتاريخ الثورة في نفس المرجع وقد وردت فيه تفاصيل كثيرة نذكر بعضها لأهميتها وتسلسلها حيث قال : "الذي لم يكتبه أحد بعد هو انه منذ 1914 تاريخ فرض الحماية الانجليزية على مصر، وضرب الحزب الوطني "العلني" لجأ التيار الثوري مباشرة الى مواجهة الموقف الجديد بأسلوب جديد هو : النشاط الثوري السري . وكان أيضا تحت قيادة شباب الحزب الوطني (حينئذ) الذي لم يعرف الشعب عنهم شيئا منذ ذلك الحين بينما كانوا يقودون ثورته الصامتة في الخفاء ولم يظهروا إلا مع ثورة 23 يوليو 1952 كأنهم خرجوا من جوف الأرض . ولكن النشاط الثوري السري اتسع لكل الثوريين حتى ممن كانوا غير منتمين للحزب الوطني وامتد فجند عناصره وأدار معركته حتى بين صفوف الأحزاب الإصلاحية . ولقد استطاع ان يضع احد رجاله في اقرب موضع مع سعد زغلول نفسه وهو عبد الرحمن فهمي ، الذي انشأ "الجهاز السري" للوفد كما يقول المؤرخون بينما الجهاز كله كان ينفذ مخططات ثورية لم يقررها الوفد بل قررها التيار الثوري المتمركز خارج الوفد والأحزاب الإصلاحية الأخرى .. وكان النشاط كله بقيادة شخص ما يزال حيا وان كان اغلب الناس لا تعرفه ، لأنه منذ 1914 حتى 1952 لم يكن إلا موظفا بسيطا في أجهزة دولة مصر هو : عبد العزيز علي قائد التيار الثوري في مصر ورائده ومعلمه منذ سنة 1914 .. ومؤسس كل الجماعات الثورية التي كانوا يطلقون عليها  "إرهابية" بدأ بجماعة "اليد السوداء" ، ولأن العمل الثوري في ظل الاحتلال لا بد له من ان يكون عنيفا فان كل العشرات والمئات من أول الجنود الى الخونة الى آخر القائد الانجليزي للجيش المصري كانوا قد اعدموا بناء على أحكام أصدرها التيار الثوري المنظم الذي لم يكن يعرف عنه احد شيئا .. هذا - طبعا - بالإضافة الى التبشير .. الفكري السري الذي كان يأخذ شكل منشورات والتحريك الجماهيري الذي كان يأخذ شكل المظاهرات . منشورات ومظاهرات تحمل عناوين شتى ويقودها - او تحسب انها تقودها - شخصيات متنوعة الاتجاهات ، ولكن الذي ينظمها ويحركها ويقودها فعلا جنود مجهولون ينتمون الى التيار الثوري ومنظماته .

... في عام 1940 قررت قيادة المقاومة الثورية للاحتلال تجنيد أفراد من الجيش المصري للعمل الثوري . وتشكلت أول خلية من القوات المسلحة من ضباط سلاح الطيران (سعودي وبغدادي ووجيه اباظة وحسين ذو الفقار) وكانت تلك أول جماعة منظمة فيما عرف بعد باسم الضباط الأحرار . واقسم كل من هؤلاء يمين الولاء للثورة أمام عبد العزيز علي الموظف البسيط في ذلك الوقت في الإدارة المالية لمحافظة القاهرة . وبدأ انتشار الخلايا الى حين ان وصل الى جمال عبد الناصر فتغير كل شيء تغييرا نوعيا . فقد كان جمال عبد الناصر أكثر مقدرة على التنظيم السري من القيادة المدنية . وكانت القيادة المدنية اكثر ولاء للتيار الثوري وأهدافه من المزاحمة على القيادة ، فاستقل الضباط الأحرار بتنظيمهم تحت قيادة جمال عبد الناصر واستمرت الحركة المدنية بقيادة جيل جديد من شباب الحزب الوطني ، وظل الطرفان يرجعان للمشورة الى الرجل الذي تنحى وبإرادته ليفسح المجال لمن أصبح اقدر منه بحكم الموقع والسن . ولقد كان عبد العزيز علي أستاذا معترفا به من الضباط الأحرار ومستشارا يرجعون إليه حتى قيام ثورة 1952 عندما نقلوه من وظيفته البسيطة الى منصب الوزارة في أول وزارة للثورة " ..

كما نجده يخصه بالذكر في موضع اخر خصصه الدكتور عصمت سيف الدولة هذه المرة للحديث عن "بذور" العمل الثوري في مصر الوارد بكتابه عن "الناصريين واليهم" حيث كانت هذه العبارة هي عنوان الفقرة المخصصة لهذا الموضوع ومدخل الحديث إليه حين قال : "نروي ملخصاً لهذه القصة ، قصة بذور ثورة تحرير مصر الممتدة منذ الاحتلال وننتهزها فرصة لإشباع هوايتنا في التذكير بما نذكره من أسماء قادة وشهداء الحركة الوطنية الذين لا يذكرهم أحد عادة"  .. ثم من خلال عرضه المستفيض لتفاصيل قصة الكفاح في مصر منذ الاحتلال البريطاني عام 1882 حتى ثورة يوليو 1952  نجده يعود لذكر هذا المناضل الفذ في أكثر من مناسبة ، ملمحا في أحداها ما يمكن فهمه - ضمنيا - من معنى  لوجود علاقة بينمهما كما جاء في الفقرة التالية : "كان عبد العزيز علي رئيساً للمنظمة الثورية حين قامت ثورة 1952 ، وقد كان معجباً إعجاباً فائقاً بالعامل إبراهيم موسى ولا يترك مناسبة إلا وذكره وضربه مثلاً للناشئين من أمثالنا" .. ويسترسل بعد ذلك في الحديث عن باقي التفاصيل المتعلقة بصفاته النضالية : "كان وطنياً متصوفاً لا يتحدث في السياسة ولكن يطارد الإنجليز ويقتلهم حيث يثقفهم . وكان قناصاً لا يخطئ الرماية".. ثم يواصل الحديث عنه مردّدا أقواله دون ذكر مراجع وكأنه يسمع منه مباشرة : "قال عبد العزيز علي إنه وغيره كانوا يضعون خطط إعدام الإنجليز ويتركون دور إطلاق الرصاص لإبراهيم الذي يحضر يوم التنفيذ ويستلم مسدساً ويطلق طلقة واحدة تنهي حياة من أعدم ويسلم المسدس وينصرف هادئاً إلى منزله .. "في الشرابية" ، وكان عاملاً في ورش السكك الحديد وأباً لسبعة أطفال" .. ولعل ما يؤكد هذه العلاقة المباشرة بين الرجلين هو سعي عصمت سيف الدولة للتعرف على عائلة المناضل ابراهيم موسى الذي حدثهم عنه عبد العزيز علي وهو ما قاله في هذا الجزء من الحديث : "وقد حاولت أن انبش حي الشرابية بحثاً عن أحد من أسرته لأعرف الجانب الاجتماعي من ثوريته فلم اهتد إلى أحد" .. ثم يواصل بمزيد من التفاصيل الى نهاية الفقرة التي اخترناها في موضوعنا مؤكدا على دور عبد العزيز علي ورفاقه في مقاومة الاحتلال ورموزه قائلا : "استمر نشاط المنظمة ثلاث سنوات مليئة بجثث كبار رجال الإدارة من الإنجليز . براون مراقب عام وزارة المعارف . كييف وكيل حكمدار القاهرة الذي كان يجبر من يعتقل على أكل روث الخيل . بيجوت مدير مالية الجيش الانجليزي . براون آخر مدير قسم البساتين . بون الأستاذ في مدرسة الحقوق الذي كان يدرس للطلبة عدم استحقاق مصر للاستقلال وأخيرا وليس آخر السيرلي ستاك "سردار" قائد الجيش المصري . أعدمه عبد الحميد عنايت وإبراهيم موسى وراغب حسين ومحمود راشد وعبد العزيز علي يوم 19/11/1924 . خانهم نجيب الهلباوي فقبض عليهم وعلى بقية أعضاء المنظمة الثورية وفي 7/6/1925استشهد شنقاً عبد الحميد عنايت وإبراهيم موسى ومحمود راشد وعلي إبراهيم وراغب حسين وشفيق منصور ومحمود إسماعيل"  ..

بالنسبة للشهادة الرابعة فهي من كتاب "في ضوء القمر - مذكرات قادة العمل الوطني السري والاغتيالات السياسية " للدكتور محمد الجوادي (طبعة دار الشروق الدولية) . يتضمن حوصلة لمذكرات ثلاث رجال من المنتمين للعمل الفدائي في مصر ، وقد ورد بالصفحة 23 ضمن النقاط الواردة في الكتاب كملخص للمذكرات الفقرة التالية : "تنفرد مذكرات عبد العزيز علي بتقديم تفصيلات مهمة عن تهريب حسين توفيق إلى السعودية ومن الانفرادات التي يقدمها ذكره أن هذا التهريب قد تم بمساعدة الأمير فيصل (الملك فيصل بن عبد العزيز) ، وهو يذكر بالتحديد الأدوار التي لعبها كل من سعد كامل وعصمت سيف الدولة ومحمد إبراهيم كامل وإحسان عبد القدوس وقد أصبحوا جميعا نجوما في الحياة السياسية . بل إن محمد إبراهيم كامل عين وزيرا للخارجية بعد نشر هذه المذكرات " .. وبخصوص هذه الفكرة ينقل الدكتور الجوادي في الصفحة 130 من كتابه الفقرة التالية من مذكرات عبد العزيز علي بخصوص تفاصيل الحادثة : " وحدث أن طلب حسين توفيق في إحدى المرات من الضابط المرافق له أن يسمح له أن يزور والدته في مصر الجديدة فأذن له وذهبا معا ، وفى أثناء الزيارة دخل حسين توفيق دورة مياه الفيلا فوجد نفسه أمام الباب الخلفي للفيلا فخرج إلى الحديقة ومنها إلى الشارع وفكر في الهرب ولم يكن أصلاً يدبر له واستأجر سيارة واتجه بها إلى منزل الأستاذ سعد كامل بالدقي وفاجاً الأسرة بدخوله ثم أخذه الأستاذ سعد وتوجه به إلى مكتب الأستاذ عصمت سيف الدولة بشارع خيرت بالسيدة زينب وهناك استدعوا الأستاذ محمد إبراهيم كامل الذى كان متهمًا مع حسين توفيق وقضى مدة عقوبته. ومن هناك انتقلوا إلى منزل الأستاذ إحسان عبد القدوس وكان يعتبر نفسه من شباب الحزب الوطني وبعدها نقل حسين مرة أخرى إلى مصر الجديدة بمساعدة الضابط حسن عزت " .. ثم يعلق قائلا : "وهكذا جمعت هذه الحادثة بين أفراد من أعمار مختلفة من أبناء الحزب الوطني واستطاعوا أن يهرّبوا حسين توفيق عن طريق قنا والقصير إلى السعودية بالاتفاق مع الأمير فيصل الذى تولى الملك بعد ذلك " ..

ويعرض الكاتب ضمن الحوصلة في الجزء الأول من الكتاب نقاط أخرى تتصل بموضوع التهريب ثم بنشاط المجموعات المسلحة السرية نذكر منها ما يهمنا في هذا الحديث : " شباب المجموعة الفدائية لجأوا إلى حيلة أخرى وهي استكتاب حسين توفيق تفصيلات غير دقيقة لاختفائه ونشر هذه التفاصيل بخط يده في "أخبار اليوم" مقابل مكافأة كبيرة ، ما مكنهم من الحصول على المال اللازم لتهريبه عبر القصير.

* عبد العزيز علي يحرص بهذه الرواية على نفي ما شاع ولا يزال يذاع من أن الملك فاروقًا كان على علاقة بتهريب حسين توفيق ..

* نأتي إلى المرحلة التي خرج فيها نشاط الجماعات المرتبطة بالحزب الوطني السرية إلى نطاق العلانية بعد أن هبت مصر كلها من أجل الدفاع عن حقوقها بعد إلغاء معاهدة 1936م‏ ، ونرى عبد العزيز علي يتحدث عن جهود شباب الحزب الوطني في بعث المقاومة الوطنية في القنال بعد إلغاء المعاهدة ، مشيرًا إلى الأدوار التي قام بها كل من يوسف حلمي وماهر محمد علي وغيرهما ..

* حرصه على الإشارة إلى طبيعة نمو العلاقة بين عصمت سيف الدولة وبين رشاد مهنا وعبد المجيد فريد والجهود التي بذلها هو نفسه مع ثلاثتهم في سبيل تنظيم المقاومة وتدريبها على الأسلحة ..

* يذكر بكل وضوح أنه شكل كتيبتين تضم كل واحدة عشرين متطوعا ، وأنه كان هناك قائدان مدنيان للكتيبتين ونحن نلاحظ أن مجموعة العسكريين التي شاركت في هذا العمل تنتمي إلى ما يسمى في أدبيات تاريخ الثورة (تنظيم ضباط الطيارين) .." ..

وهكذا ، نرى أن كل هذه الشهادات تؤكد أن الدكتور حينما كشف عن خفايا تاريخ مجهول من تاريخ الحركة الوطنية في مصر لم يكن يتحدث من فراغ ، وقد مكنه اطلاعه ومعايشته لتلك الأحداث ، من تجاوز أسلوب الحكم على الثورة بالقياس على انتماء أعضائها وكوادرها ، الى الحد الذي استطاع فيه أن يكون حاسما في فرز القوى المتداخلة وتحديد التيار الذي تنتمي اليه الثورة كقوة فاعلة بذاتها ومستقلة عن مختلف التنظيمات السياسية الموجودة .. وقد اعتمد الدكتور عصمت سيف الدولة في تفكيك ملابسات تلك الفترة الغامضة على منهجية واضحة في شرح وتحليل الواقع السابق لقيام الثورة  معتمدا على رصيده المعرفي الغني بتفاصيل الأحداث التي عاشها وشارك في صنعها ، وقد كشف عن خفايا كثيرة تتعلق بالأسلوب الذي اعتمده تنظيم الضباط الاحرار في مواجهة الواقع حين اختار الالتحام بالتنظيمات السرية للحركة الوطنية قبل الثورة ، من خلال التنسيق والتواصل مع قياداتها ، وتدريب عناصرها على الأسلحة الخفيفة والمتفجرات ومدهم بالسلاح .. ثم في استمرار هذا الالتحام بعد الثورة مستدلا بظهور العديد من رموز الحركة الوطنية في مراكز القيادة .. وهو ما يعني - بالنسبة للدكتور - أن الفرز في صفوف أعضاء مجلس قيادة الثورة قد سبق تاريخ قيامها بكثير حينما اختار أبرز رجالها وقياداتها الانتماء الى التيار الثوري الذي ميز الثورة بخصوصية ثورية جعلتها في اشتباك متواصل مع الاحتلال وكل من والاه حتى قيام الثورة وبعدها بقطع النظر عن الانتماءات السابقة والمواقف الخاصة للأعضاء حتى بعد الثورة .. وأغلب هذه المعلومات لم تكن معروفة حتى للباحثين كشف عنها الدكتور عصمت سيف الدولة وهو أحد رجال الوحدات المقاومة للاحتلال من الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو 1952 ..

الحوصلة النهائية لهذا التحليل الذي اتبعه الدكتور في هذا المثال تجعلنا نقف عند المعطى الرئيسي والحلقة الأهم في فهم الأحداث وفرز المواقف الثابتة والمتغيرة .. وقد رأينا كل هذا الجهد الذي بذله عصمت سيف الدولة في هذا النقاش الخاص بتحديد موقع ثورة يوليو في ساحة الأحداث ، قد يبدو بسيطا وواضحا بالنظر الى تركيبة أعضائها ، تبين أنه ليس بهذه البساطة وقد انتهى فيه الدكتور بمثل هذا التحليل الى خطوة مهمة تكشف عن أهم خاصية من خصائص البحث والحكم على المواقف والتوجهات : وهي المنهجية .. حيث لا يقتصر الأمر في مثل موضوع ثورة يوليو على مجرد قراءة سطحية للواقع تقوم على تفكيك الأحداث وإعادة ترتيبها ميكانيكيا ما يجعل المواقف المصاحبة لوقوعها غير متأثرة بما تشهده الأحداث من تفاعل مؤثر بشكل أساسي ومباشر في تطورها بالفاعلين في واقع لا يتفاعلون معه كأفراد وهم في ارتباط تنظيمي مقتصر عليهم ، وفي تواصل وجدل خلاق يخلق كل يوم مواقف وحلولا جديدة لا تلبث أن تتحول الى واقع جديد عند التنفيذ ، فضلا عن الحقائق المخفية فيما يتعلق بالروابط المتينة بين الضباط الأحرار والمقاومة الشعبية في مصر قبل الثورة .. إضافة الى الدور المحوري لقائد الثورة ونقصد بالتحديد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كما عبر عنه الدكتور عصمت سيف الدولة في بحثه المقدم لندوة "ثورة 23 يوليو..  قضايا الحاضر وتحديات المستقبل" التي عقدت في القاهرة في الفترة بين 3 – 6 أيار / مايو 1986  حين قال عن هذا الدور : "ان جمال عبد الناصر ، بدون خلاف هو مدبر ومفكر ومفجر وقائد ثورة يوليو" ..) .. أما عن دوره في علاقة بالضباط الأحرار فقد قال عنه بأنه : "من أغرب ظواهر هذه العلاقة أنه منذ فترة الإعداد لثورة 23 يوليو 1952 لم يكن أحد يعرف أسماء جميع "الضباط الأحرار" إلا عبد الناصر وحده ، وقد بقي الأمر على هذا إلى أن توفي عبد الناصر" . .

صدق العلامة ابن خلدون إذن حين قال : "إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق" ..

وبهذا الأسلوب المنهجي في فهم الأحداث عند الدكتور عصمت سيف الدولة ، نصل الى الحوصلة النهائية لنؤكد من جديد كل ما قلناه في هذا الموضوع الشائك ، من أن مشكلة الفرز الخاصة بالتنظيم القومي تحتاج فعلا الى أسلوب علمي ومنهجية علمية حاضرة في كل خطوة وفي كل مكان وفي كل وقت تشهد فيه الأحداث تغيرا نحو المستقبل .. بدءا بالإطار الذي يتولى تحديد إستراتيجيته الواضحة بكل مضامينها (آلياتها وأهدافها وأولوياتها ..) ، وبكل شروطها التي أتينا على ذكرها ، وأولها أن لا تكون استراتيجيات فردية ..

ونحن - كنهاية حاسمة لكل الجدل حول هذا الموضوع - حينما نعود بالنظر والتمعن فيما أقدم عليه عصمت سيف الدولة بخصوص موضوع التنظيم القومي قبل ظهور مشروعه ، وفيما انتهى اليه بعد اكتماله بكل ما بذله من جهد فكري وعملي لبنائه حتى أصبح على ما هو عليه .. لا يسعنا الا أن نقول انه لمن دواعي الاستغراب حقا مما نراه في الواقع من صراع مفزع أحيانا بين أصحاب الفكر الواحد والمرجعية الواحدة والمشروع الواحد حول أدق التفاصيل المتعلقة بالمتغيرات ..

فما الذي أقدم عليه الدكتور ، وما الذي انتهى اليه باختصار ؟..

(القدس - م .ع / فيفري 2018). 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق